جفاف المشاعر بين الأزواج كيف نسقيه بوابل من مطر الحب


**♦** ♦** ♦** ♦ **♦

****

الزواج - ذلك الميثاق الغليظ - تعتريه كثير من الظروف والعواصف فيثبت أمامها ليؤكد أنه متين أمام كل الظروف**إذا بُني على الحب والتفاهم والحوار والإرادة، ليَثبت دون أن يتأثر بكل من حوله، والزوجان هما المحرك الرئيس لحياتهما، وحينما تستحيل الحياة بينهما إلى جليد عاطفي وقحط في المشاعر تبدأ المشاكل في الظهور، ويقل الشعور بالأمان بينهما، وتتحول الحياة من ربيع المشاعر إلى خريف بائس وشتاء قارس، وخاصة أن جفاف المشاعر يُفضي إلى الطلاق العاطفي وهو من أسباب الطلاق حسب بعض الدراسات، ففي دراسة سعودية للدكتور صالح سلامة بركات أستاذ علم النفس بكلية المعلمين بالباحة تبين أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا فى نسبة الطلاق، و79% من حالات الانفصال سببها معاناة الزوجة من عدم المشاعر وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وفِقدان أي وسيلة للحوار بينهما.

**

ونتيجة للأرقام التي تعكسها منتديات الأسرة المنتشرة على الإنترنت حول المشكلات الأسرية المتعلقة بالتواصل السلبي والحرمان والطلاق العاطفي وضعف الحوار داخل الأسرة، وسجلت تلك المشكلات قفزة هائلة في حالات الاكتئاب والقلق والشجار شبه اليومي، وتزايد العنف والهجر النفسي والحسي وتزايد كبير في نسبة النساء والأطفال المراجعين للعيادات النفسية، كما ذكرت جريدة (البيان).

**

وكشفت الدراسة عن وجود طلاق عاطفي وبرود في المشاعر بين الأزواج، والطلاق العاطفي هو استمرار الزوجين في العيش تحت سقف واحد، لكن كلاً منهما له حياته الخاصة التي لا يعرف عنها شريكه إلا القليل!!

**

**

المشاعر فيض لا ينضب

ولأجل مثل هذه الأرقام التي بدأت تظهر على السطح، فتحنا ملفَّ جفافِ المشاعر بين الأزواج، فبدايةً مع**الأستاذة أريج الطباع "المستشارة النفسية"**لتوضح معنى جفاف المشاعر قائلةً:**"لا شك أن المشاعر فيض لا ينضب، لكن قد تساعد قسوة الظروف، وسوء التعامل مع المشاعر في أن تكبت هذا النبع وتغطيه.. تغلفه بقسوة لتبرد الحياة وتصبح بلا لون ولا طعم ولا روح! هنا نستطيع أن نقول إن العواطف جفت! والحياة الزوجية أكثرُ حياة تقوم على المشاعر وعلى المودة والرحمة، فحينما تفتقد المودة تبقى الرحمة، وحينما تفتقد الرحمة يفتقد المعنى الحقيقي للزواج! ويصبح الزوجان منفصلين عاطفيا برغم أنهما تحت سقف واحد!".


ثم تضيف مُبينةً أسبابَ جفاف المشاعر بين الأزواج بقولها:

من الصعب أن نحصر أسباب الجفاف كلها، فنذكر منها:

♦**سوء الاختيار، إذا بني على العقل مجردًا أو على العاطفة متجاهلا كل القيود! فالحياة في بدايتها يمكن أن تحتمل ذلك، وقد يجد الزوجان الأمر سهلا، لكن بعد الدخول في حقيقة الحياة الزوجية لا تكفي أسس الاختيار الناقصة لبناء حياة هانئة.. فحينما يهدأ الحب ويستقر تبدأ المشكلات في الظهور لتدفن ما تبقى من مشاعر! أو قد يجد العقل نفسه عاجزًا عن الثبات أمام فتن القلب وحاجته!.

**

♦**الضغوط التي يتعرض لها الزوجان من الخارج؛ من ظروف العمل أو الدراسة أو الأهل.. فيكبتون مشاعرهم السلبية. ليصلوا إلى البيت منهكين قد دفنوا مشاعرهم السلبية ليكتشفوا أنهم فقدوا معها مشاعرهم الإيجابية!.

**

♦**الإجهاد النفسي له أثر أيضًا؛ إذ تستهلك المشاعر في التوتر، فيصلان إلى مرحلة يتعبان بها من أي عاطفة أخرى، ويقف جبل الجليد ليكون حاجزًا بين قلبيهما يبردان به نار التوتر والإجهاد دون أن ينتبها أنه يميت حرارة الحب والمشاعر الإيجابية بطريقه.

**

♦**سوء الفهم بين الرجل والمرأة.. إذ تختلف طبيعتهما وحاجاتهما العاطفية، وترتيبهما لأولوية المشاعر، وهنا يحدث التصادم بين الزوجين ورفض المشاعر برغم صدقها؛ لأنها لم تلامس التوقع أو الحاجة لدى الطرف الآخر.. وتكرار هذا يؤدي إلى إطفاء جذوتها!

**

♦**عدم المبادرة من الطرفين ومن ثم إصابتهما بالإحباط من تقصير الطرف الآخر، وفتور المشاعر القوية لعدم تفريغها والمبادرة بالتعبير عنها.

**

♦**التركيز على (الأنا) متغافلين الرابط الأسمى بأي علاقة وبالزواج تحديداً.. حيث يجب أن يرتبط بداية بالله وبما يرضيه، وأن يكون هناك وعي من الزوجين بالحقوق والواجبات وبالمعنى الحقيقي للسكن والمودة".

**

**

لنسقي المشاعر لتزهر ربيع المشاعر

وتُوضح أ. الطباع الحل بإعادة جذوة الحب والحنان بين الأزواج وسقي المشاعر لتزهر ربيع المشاعر بقولها:**"بداية علينا ألا نغفل أجر النية، وأن نحتسب الأجر بسعينا لإعادة الروح للحياة الزوجية، فالعواطف هي الروح التي تساعدنا على الاستمرار في الزواج، نقطة البداية من أنفسنا، سواء كان القارئ زوجًا أو زوجة فعليه هو أن يبدأ ولا ينتظر مبادرة الطرف الآخر.

**

حينما يحصل الجفاف فهذا يعني أن المشاعر الإيجابية دفنت بركام المشاعر السلبية القديمة،**لتشرق من جديد وتعود للتدفق علينا معالجة المشاعر السلبية والاعتراف بها! وهنا لا شك أن الصراحة والحوار والصبر والحكمة لهما الأثر البالغ بإذن الله.

**

الحب حينما يفتر قد يكون ذلك من قلة استخدامه وعدم استشعاره، فيكون إيقاظه بأمر عكسي، بأن نعمل النتائج لنصل إلى الأسباب، فنتخيل**ماذا لو كانت حياتنا دون جفاف عاطفي؟ ما الذي سأقوم به لو كنت متدفقا عاطفيًّا؟**قد تكون هدية معبرة، كلمة صادقة، لمسة حانية، قم بها أو قومي بها واصبري حتى تشعلي جذوة المشاعر الدفينة.. تذكر أو تذكري أن الأمر كاحتكاك الصخور لنشعل النار؛ قد يبدو مستحيلا، لكن الإصرار والخبرة به تجعله ممكناً، ختامًا -وهو الأهم- نبع المشاعر الحقيقية الصادقة لا يكون إلا بحب الله والقرب منه ليقرب كل بعيد ويهون كل صعب، فالدعاء بلحظات الغلس وأوقات الإجابة نصيحة مجربة فعالة".

**

حتى لا تصبح حياتنا الزوجية صحراء قاحلة

ومن جهة أخرى يبتدئ الحديث**أ. محمد شندي الراوي (مستشار تربوي وأسري واجتماعي)**بنداء إلى الأزواج والزوجات بقوله:**"جعل الله المودة بين الرجل والمرأة، وجعل بينهما ميلاً فطريًّا، ثم هذب هذا الميل بزواج شرعي أحل كلا منهما للآخر، وجعل أي علاقة خارجة عن هذا الإطار علاقة محرمة تستوجب العقوبة من خالق الأرض والسموات؛ عقوبة دنيوية أو عقوبة أخروية؛ فقال الله تعالى: ﴿**وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ**﴾ [الروم: 21].

**

إن الزوج والزوجة هما رفيقا درب واحد، وشريكا حياة، قد خلقهما الله ليسكن كل واحد منهما للآخر،**والمرأة -أخي الزوج- بحاجة دائمة للحب والحنان فهي تتصف باللطافة والرقة والمشاعر الدافقة، والعواطف الكامنة، والإحساسات الجياشة، فاستغل هذه الصفات فيها لتعيش حياتك في راحة وسعادة وهناء بال.

**

ولنعلم جميعاً أن من أكبر معاول الهدم للعلاقة الزوجية وللأسرة أيضًا جفافَ المشاعر بين الزوجين.

**

هذا الجفاف الذي يؤدي إلى نتائج خطيرة على الزوجين والأولاد عاجلا أو آجلاً، سأتعرض في حديثي هذا لأهم أسباب الجفاف مع بيان الآثار المترتبة على هذا الجفاف، ثم وصف الدواء والعلاج للزوجين حتى لا يصلوا لمرحلة الجفاف، ولمن وصل لمرحة الجفاف**كيف يخرج من صحراء الحياة الزوجية ويعود لجنة وارفة الظلال؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة