استشارة اليوم بعنوان الواتس أب والخيانة الزوجية
الاجابة لأستاذ. فيصل العشارى
السؤال

↩ ملخص السؤال:
فتاة اكتشفت أن لأبيها علاقات محرمةً من خلال الواتساب، وتسأل: ماذا أفعل؟ هل أخبر أمي أم لا؟

🔴 تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة لم أتم العشرين من عمري، اكتشفتُ أن أبي يُراسل فتيات، ويرسل لهن وبينهم أشياء كثيرة لا أفهمها، ولا أعلم ماذا أفعل؟!

لَجأتُ لأختي الكبرى وأخبرتُها بالأمر وحاولنا معًا إيجاد بعض الحلول، لكن للأسف لم نستطعْ، فنحن خائفتان من وقوع أبي في الحرام، وأن يعود ذلك علينا نحن الفتيات.

أمي إنسانة بسيطة، مشغولة بالأطفال، ولا عِلْم لي عن مدى التوافق الزوجي بينهما، فربما يحتاج أبي شيئًا لم تُقَدِّمه له أمي، وللأسف علاقته بنا سطحية!

أبي مرَّ بحياةٍ صعبةٍ جدًّا في طفولته ومُراهقَتِه إلى أن تزوَّج واستقرَّ؛ فلم يعِشْ بين والديه، فقد ترَكه أبوه صغيرًا، وأمه تزوجتْ غير أبيه، وتركتْه مع جدته، كما أن حياته كانتْ فقيرة، وبالرغم من ذلك يحاول أبي أن يُوفر لنا المال والاستقرار اللذينِ فقدهما في طفولته.

أنا حائرة بين أبي وأمي، وأخاف على بيتنا أن يُهْدَم، كَتَمْنا الموضوع وعلمتْ أختي الثالثة، فصدمتْ وكرهتْ أبي!

لجوء أبي للحرام وضعنا في موقف سيئ، ولو كان متزوجًا لكان الأمر أهون من ذلك بكثيرٍ!

لا أعلم ماذا أفعل؟ هل أسكت أو أوصِّل الموضوع لأمي؟

فأخشى أن يتطوَّر الأمرُ ويُهْدَم البيت!
🔵الجواب

↩الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكتنا.

أنتِ الآن تعيشين بين نارين: نار البر بالوالد، ونار الاحتراق على ما يفعله مِن مَعاصٍ!

فأيهما أولى بالإطفاء والاعتبار؟! وكيف يمكن التوفيق بين البر والنصيحة؟

لا شك أن النصيحة هي قوام الدين وأساسه، كما يقرر ذلك الحديثُ الشريف: ((الدينُ النصيحة))، ولكن في النصيحة لا بد مِن مُراعاة شُروطها وآدابها.

👌وقبل أن ندلف إلى موضوعك، دعينا نقف مع مفهومٍ قد يُسبِّب قلقًا لبعض الأخوات، وهو موضوع: (رد دين الزنا).

والذي ذكره بعضهم في قوله:

إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ
كَانَ الوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ

👌طبعًا لا نقصد بأنَّ والدك وقع في الزنا - وإن كان وقَع في مقدماته وهو النظرُ إلى الحرام، لا سيما العورات المُغَلَّظة، على مبدأ: ((... والعين زناها النظر)) الحديث.

↩وقد أظهرتِ تخوُّفك من انعكاس هذا الأمر عليكم كأسرة وبنات لهذا الوالد، وهذا تخوُّف صحيحٌ.

↩لكنه بحاجةٍ لمَزيد من الإيضاح والبيان كالتالي:
السنن الاجتماعية والشرعية التي تصيب الأسرة هي نفس السنن التي تُصيب المجتمعات، فالأسرةُ مجتمعٌ صغيرٌ، وإذا فشت المُنكَرات في المجتمع وجَب على المصلحين إنكارها والمبادَرة إلى إصلاح الخلَل، وإلا عَمَّ البلاءُ الجميعَ، وهكذا داخل الأسرة، ولكن هذا يتطلب حكمةً ولُطفًا في الإنكار والتغيير، ومن المقرر في الشريعة مبدأ: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164]، وما يصنعه الأبُ لا يتحمله الأبناء، ولكن يجب عليهم السعي في تغيير هذا الواقع، وهذا لا يعني أن الأب لو وقع في الفاحشة أنه لا بد أن يقعَ فيها الأبناءُ، فالأبناءُ لا ذنبَ لهم، ولكن وجود أب فاسد يولِّد بيئةً فاسدةً تُمَكِّن مِن وقوع الأبناء في نفس فساد أبيهم، وليس المعنى أن الأبناء والبنات الصالحات لا بد أن يقعوا أو يقعْنَ في الفاحشة.

↩حرَصتُ على بيان هذه النقطة لتزيلَ عنك وعن أخواتك جزءًا مِن قلق هذه المشكلة، فما دمتم أنتم صالحين في أنفسكم، فلن تضركم معاصي أبيكم - بإذن الله - لكن مع السعي في التغيير.

✋ما هو التغيير المطلوب والمناسب في هذه الحالة؟

✔هناك طريقتان:
◽الأولى: طريقة المكاشَفة والوُضوح، وهذه ستولِّد صِدامًا حتميًّا مع الأب، وربما كذلك تصل إلى الصِّدام بين الأم والأب، وربما الطلاق.

◽الثانية: طريقة تغيير ونُصح غير مباشرة، وهي مع طولها وتغييرها البطيء، إلا أنها مأمونة العواقب.

لذلك فنحن نُفَضِّل الطريقة الثانية، إلا في ظروفٍ استثنائية يمكن اللجوء للطريقة الأولى، مثل أن يكونَ الأب متفهمًا، وعلى قدْرٍ عالٍ من التقدير والمسؤولية، ويغلب على الظن أن الأمور ستقف عند حدٍّ معينٍ ولن تخرجَ عن السيطرة، وهنا يمكن استخدام الطريقة الأولى مباشرةً؛ فهي أسرع في تغيير الحال.

لكن كما يبدو مِن وصفكم لوضع الأب، فالأنسبُ في حقِّه هو الطريقة الثانية، ويمكن استعمال عددٍ مِن الخطوات:
⏪الاجتماع بالأخوات اللائي عرَفْنَ الموضوع وانكشف لهن المستور لهذا الأب، والاتفاق على عقد ورشة سرِّية لعمل عصف ذهني، وتدارس الخطوات المناسبة في علاج هذه المشكلة، دون علم الأم، لأنَّ الأم قد تُفَجِّر الموقف، وربما تصل الأمور إلى منحًى غير سليم.

◀ يمكنكم الاستعانة بإستراتيجية (عظم السمكة لتحليل المشكلة)، فتضعون عددًا من المحاور مثل: الناحية المادية، الناحية العاطفية والجنسية، البيئة، الأصدقاء والعمل، وتحت هذه المحاور أسباب فرعية، وهكذا تجمعون أكبر قدْرٍ مِن الأسباب التي تعتقدون أن لها دورًا وأثرًا في المشكلة، ثم تبدؤون بترتيب هذه الأسباب من حيث الأهمية، إلى أن تصلوا إلى أسباب رئيسية تضعون خطة العلاج عليها.

◀ لنفترض أن من الأسباب الرئيسية: (الفراغ العاطفي لدى الأب)، فهو لم يحصُلْ عليه صغيرًا، حيث حُرم من تربية الأبوين، وهذا يستلزم أن يحصل عليه كبيرًا وبشكل مضاعف؛ مما يعني أنَّ من حوله لا بد أن يبذلوا في هذا الاتجاه جُهدًا مُضاعفًا لتعويضه، لا سيما الزوجة الكريمة، وكذلك الأبناء، حتى لو لم يكن يُبادلكم هذا الشعور، ويُعاملكم بجفاء وغِلظة، لكن مع الأيام سيتحوَّل طبعُه تدريجيًّا إلى الأفضل.

◀ لا تُظهروا له أبدًا أنكم عرفتم مشكلتَه وخبيئته؛ وانظروا له كمريضٍ يحتاج إلى التعاون منكم في علاجه، فهذه النظرةُ ستجعلكم تُعاملونه بالشَفقة والرحمة بدلاً مِن الغَضَب والسخط.

◀ استعينوا بكافة الأدوات الممكنة في التغيير؛ دَعوه يقابل مصلحين اجتماعيين بطريقةٍ غير مباشرة، وإن استطعتم الإيعاز إلى أحدِهم بطريقةٍ سرية ليتحدث معه بأسلوب غير مباشر، فهذا أفضل.

◀ يمكنكم الاستِعانة بالأدوات التكنولوجية؛ كالبريد والواتساب ووسائل التواصل التي يُفَضِّلها، ولْتُمطروه برسائلَ توجيهية غير مباشر، ولا نعني رسائل شخصية منكم، وإنما موضوعات تتحدَّث عن غَضِّ البصر وما يتعلق بهذا الموضوع، ولا بد مِن الاستمرار لفترة طويلةٍ على هذا النمط؛ حتى تؤتي الأمور أُكُلها.

◀ دُخول الوالدة في الخط أمرٌ مهمٌّ لكم، فإن كنتم تستطيعون السيطرة عليها والتحكم بها، وأن تتفقوا معها على العلاج فهذا أفضل، وستُساعدكم هي كثيرًا، لأنَّ جزءًا كبيرًا من المشكلة يُمكن أن تقومَ هي بحلِّه، وذلك بإظهار مَزيدٍ مِن الاهتمام والعناية بزوجها، أما إذا كنتم تتوقعون أن تنفرطَ الأمور بسببها فلا تُدخلوها في هذه المشكلة، ولا تُخبروها إطلاقًا.

◀لم تُبَيِّني لنا عُمر أبيك، وإن كنا نتوقع أن يكون بين 40 - 50 تقريبًا، فإن كان كذلك فهي فترة قد تُصيب بعض الرجال تُعرف بالمراهقة المتأخِّرة؛ حيث يلجأ لهذه الأساليب، لكنه ما يلبث أن يتركها إذا تعدى هذه الفترة العمرية العصيبة.

◀نرجو أن تُهَوِّنوا على أنفسكم، ولا تَحزنوا، وأن تعدوا هذا الأمر مرضًا يحتاج إلى اهتماكم وعنايتكم، كما يحتاج إلى دعائكم وسؤالكم له بالهداية.

نسأل الله تعالى أن يهدي والدكم، وأن يُصلِح أحوالكم

والله الموفِّق


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/85776/#ixzz3t14cuz83
🔻همسات د. عبير 🔻
للنساء فقط ✋🏻🌹
•┈┈┈••🔸▫🔸••┈┈┈•




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة