الحلقه الرابعه
كنت سعيدة، وأتخيل كيف سأقضي أول يوم معه، وأنا لأول مرة سأكون بصحبة رجل غريب وحدنا، وأفكر ماذا سأقول له، وكيف سأتصرف، ......... وفي غمرة أحلامي وانفعالاتي، رن جرس الهاتف في البيت، وصدف أن أرد بنفسي،



-ألو....
-ألو، السلام عليكم، ممكن أكلم بَرود
-أنا بَرود، من معي،
-مطر، كيف حالك،.....؟؟
-بخير، كيف حالك أنت ( وفرحت ورفرف قلبي من السعادة، تراه اتصل ليسمع صوتي، ويحدثني عن اجراءات الزواج، كم هذا ممتع)


-بخير، أريد أن أتحدث إليك بصراحة، أتمنى أن تتفهمي موقفي، أولا أشكر موافقتك على الإقتران بي، فهذا يسعدني، لكني وللأسف مرتبط عاطفيا بزوجتي السابقة، وقد أعدتها في السر، ولا أنوي الزواج من أخرى، ستقدمين لي خدمة كبيرة لو رفضتي الزواج بي، رجاء، فأنت تعلمين بأن والدتي عنيدة، ولا أستطيع رفض طلبها، أسعى لأن أجعلها يائسة، لتقبل أخيرا بزوجتي، حبيبة قلبي جوليا، هل تساعديني رجاء، أنا لا أحب سواها.








نزلت كلماته على رأسي كالصاعقة، حطمتني بعنف، وجعلتني كهشيم الخبز، ........ كبرادة الحديد، ...... كرمل الجبال الحالي، ...........


قتلتني كلماته، ودمرت آخر ما تبقى لي من كرامة، مزقتني ياصديقتي، بقيت صامتة لا أعرف ماذا أقول، لا يمكن أن يكون الظرف قاسيا هكذا، لايمكن أن أحتمل كل هذا العذاب في وقت واحد، يا ناعمة أذلتني الظروف حتى فقدت هويتي، ولم أعد أعرف من أنا.....



أغلقت سماعة الهاتف، بعد أن ودعت فرصة السعادة الوحيدة التي لا حت أمامي منذ سنوات، ومضيت نحو غرفة المعيشة حيث تجلس أمي مع زوجات إخوتي، يتحدثون عن ليلة الزفاف، ويعدون الإجراءات، اقتربت من أمي، وقلت لها أريد أن أتحدث إليك، ........
-خير فديتج تكلمي،
-على انفراد يا أمي .....
-إن شاء الله سيري حجرتج وياية وراج.......


دخلت والدتي الغرفة، وكانت لأول مرة تبدو بصحة جيدة، كنت أرمقها بانكسار، كيف سأشرح لها سبب رفضي، أظنها ستموت بين يدي،


حبيبتي، غاليتي أمي، قد أحتمل أن أبقى عانسا طوال العمر، وأعيش وأتأقلم، لكن كيف أجعلك لا تقلقين بشأني، قلت لها: هل أنت مرتاحة لهذا الخاطب،...؟؟؟
نظرت لي بهلع: (( عيوني فديت عمرج، لا تترددين أريد أطمن الغالية عليج، دخيلج دخيل روحج، تراني ما بتم لج دوم، أريد أطمن عليج، في بيت زوجك، لا تحرميني، الرياييل كلهم واحد، وأنت وشطارتج بتعدلينه، حبيبتي، اسم الله عليج، حسد وعين وصابتج، تعالي الغالية برقيج، ايلسي خلني اقرا عليج المعوذات........))







تتوقعين أني بالقسوة التي تدفعني لتحطيم حلمها...
تعتقدين أني أتجرأ على فطر فؤادها، لم أستطع،
وانسحبت نحو غرفتي متصنعة الفرح، ......... واختبأت هناك أنعي حظي، وتذكرت وجه والدي، وبكيت حتى الصباح،
وعندما بزغ ضوء الشمس، كنت قد تحولت، ........ من فراشة جميلة، إلى بزاقة مزارع لزجة، تتقن الإلتصاق، .....!!!!
وقررت أن أمتهن البلادة، وألبس ثوب الغبيات الثقيلات، ..........وعندما اتصل في مساء اليوم التالي:
ـ هل أخبرتهم،......؟؟
-لم أتجرأ..... فظرفي أصعب من ظرفك، أمي قد تموت، فأنت كما ترى فرصة ...... لعانس مثلي.
-هل تتزوجين من شخص يقول لك بأنه يحب امرأة أخرى،
-لا خيار،
-أي النساء أنت، قلت لك أحب زوجتي السابقة، وسأعيدها حالما تحين الفرصة، وهذا الزواج لن يتم، وسأتركك في يوم الزفاف وحيدة على الكوشة،
-إفعل ما شئت، .......... أنت الرجل حدث والدتك .......
-هل يعقل، لا أصدق ما أسمع، هل بلغ بك اليأس لتتزوجي من رجل يعلن لك رفضه لهذا الزواج، وحبه لامرأة أخرى، .........
- أمي يا مطر لن أقتلها.............







وتم الزواج وهو حاقد علي كل الحقد، ويتوعدني بالذل والهوان، ................... لماذا تحدقين في وجهي، هل بقي في وجهي ماء تتفرسين فيه، لقد سال كل الماء، وانسلخت من جلدي، وأضعت كرامتي في متاهات، ....... لا أعرف من أدخلني فيها، فأنت تعرفين أني لا أحب المتاهات، وحدك تدركين، كم كنت أتحاشى اللعب في متاهات الحدائق، تذكرين كيف كنت أمنطقها،
المتاهة حجرة نضيع فيها الأوقات، والأوقات أعجوبة، تتباطأ في المتاهات.






- ما الذي جرك لكل هذا اليأس، في أي سن تزوجت......؟؟
- في التاسعة والعشرين، .............. لم يكن السن هو السبب، بل الأجواء التعيسة التي أحاطت بي، هي التي دفعتني لكل ذلك اليأس، لي قرينات لم يتزوجن حتى الآن، لكنهن لازلن يحلمن بالزوج المثالي، أنا فقط عانيت ظروفا دفعتني لتسول الزوج.
راودني أمل عنيد، وحلم جميل بأن أجعله بعد الزواج يكتشف الفتاة الحلوة التي تسكنني، وأن يساعدني قربي منه على كشف مواطن الجاذبية في شخصيتي، كنت رغم كل الظروف أثق في ذاتي، وقدرتي على إثارة إعجاب الآخرين بي، وعللت لنفسي عذاب كرامتي، بأني سأستعيد كبريائي قريبا، عندما أجعله أسير حبي، ورهين الشوق في فلكي،








اعتقدت أن الأمر أسهل بكثير من سلق البطاطا، .......
وسألتني بخبث: هل لازلت تسلقين البطاطا قبل أن تعدي طبق المحشي، ........ ونظرت لي بنصف عين، ...... مبتسمة، فقلت لها: أيتها الشريرة، حتى و أنت تشكين معاناتك لا يفوتك تذكيري بذلك، اطمأني فقد تعلمت كيف أعد محشي البطاطا دون سلقها، هلا أكملت الرواية،


- هل لا زلت تعانين الفضول نحو الأحداث، ....... بعد كل تلك السنوات؟



- لا ......... ، تعرفين أني مهتمة بالتحليل، ...... أكملي وإلا تركتك، وذهبت ألعب السلة مع تلك النسوة،


- من المؤكد أنك تمزحين، طوال حياتك تخشين نساء السلة، أجسادهن الضخمة تخيفك، لكنهن يمتلكن ميزة جميلة،....... إنهن قادرات على ارتداء الأحذية الصحية بلا كعب، ويبدون بها طويلات أيضا، .... لذلك أعلم لما تمنيت ذات يوم أن تكوني لاعبة سلة،


- أيتها المجنونة، ...... كم مرة قلت لك بأني قادرة على لبس هذا النوع من الأحذية، وأني أحببت أن أكون من نساء السلة بسبب قدرتهن على القفز عاليا، مما يسهل علي التقاط بعض ثمار المانجا النامية في فناء دارنا، كيف أصبحت تنسين الوقائع، بالفعل أصبحت عجوزا تخرف،


- هل لازلت تلعبين الطائرة،......؟؟؟


- ليس حتى اليوم، وأنت .....؟؟


- تصوري هذا الشيء الوحيد الذي لازلت أزاوله، لذلك أنتظم في زيارة النادي،


- جيد، يبدو جسدك مشدودا رغم ذبول وجهك، .... والآن أكملي الأحداث،


- أين توقفنا؟ ......... نعم تزوجنا وفي ليلة الزفاف، أدخلته والدته بعد أن حلقوا له وحمموه رغما عنه، وعندما رمقني أجلس على الكوشة وكانت تلك أول مرة يراني فيها، لاحظت نظرة دهشته الطويلة، إذ لم يتصور أن أكون جميلة، لربما تصور أن قلة جمالي هي السبب في عنوستي،..... بدا معجباً ولا تعلمين كيف استعدت في تلك اللحظات بعض كرامتي، وارتفعت معنوياتي، وبشكل خاص عندما مال برأسه علي،


وبدأ يحدثني: لم تقولي لي بأنك جميلة،
فقلت: لم تعطني فرصة لأخبرك،
قال: جيد، فبعض الوصف لا يغني كثيرا عن الواقع، ...... ألست أكبر مني بسنتين، أراك أصغر سنا،......
قلت: لأنك شاحب، فقلبك أسود كوجهك،
ضحك: وتعرفين كيف تنتقمين، ......
قلت: نعم، أعرف، سأريك الليلة، ........
ضحك: سنرى من سيري من ؟؟



ثم جلس بقربي، ومد يده بجرأة ليمسك يدي، ولا يمكنني أن أصف لك نظرة الفخر التي علت وجهه، تناقض غريب وعجيب، بدا سعيدا،


- حجزوا لنا في الفندق، لكني سأبيت بك في بيت أهلي، لأجعل ليلتك ليلكي.


- لا بأس، فجل ما يسعدني الليلة أن أنام بعيدا عن وجهك.


- وجهي الذي تحبين، متأكد أنك مغرمة بي، لذلك تتزوجينني، لأول مرة في حياتي أعرف أن الرجال يرغمون على الزواج ... مثلك طرفة يجب كتابتها في موسوعة الطرف العالمية،


- شكرا، ( واغتمت نفسي، وكدت أبكي، فكلامه جرحني، وخوفي على الكحل أنقذ دموعي من السقوط)


- مابال يداك ترتجفان، ..... هل بدأت أثيرك،


نظرت للأسفل، فقد خدش حيائي، كلامه مباشر ولم اعتد ذلك شعرت بالخجل الشديد،


- بل أشعر بالخجل والتوتر بسبب تحديق الناس.


- حلوة، أنت حلوة، فليحدقوا كيفما شاؤوا.










وعندما أصبحنا وحدنا لم يتردد، ولم ينتظر، ......... بدأ مباشرة في مداعبتي، وكأنه ليس ذلك الرجل، الذي أقسم أنه يحب جوليا، ولا يعشق سواها، وتخيلي بدلا من أن أتعايش مع لحظات الجماع، صرت أفكر في حديثه عن حبه لجوليا، وكيف يجامع بكل هذه الرغبة، إن كان لا يحب سواها، ........... الرجل كائن غريب،
وأصبحت عروسا بشكل رسمي، وجاءنا المهنؤون من كل مكان، وعند الظهيرة عاود الكرة، وبعد المساء أيضا، .......... وفي الليل، كنت متعبة، وبدأت أشعر بالحرقان الشديد، واتصلت بوالدتي أسألها كيف أتصرف،



ـ أمي لا أعرف ماذا أقول، أخجل منك، لكني أعاني من حرقان،


ردت والدتي بفرح كبير: الحمد لله، إذاً فقد حصل الحمد لله، عادي هذا الألم عادي سيختفي بعد عدة أيام، ....... إن لاحظت سقوط دم غزير زوري الطبيبة، فيما عدا ذلك كل شي طبيعي، نامي على الجنب، وأغلقي قدميك، ومبروك الغالية الله يستر عليج يابنتي، في أمان الله،










وعندما دخل الغرفة في تلك الليلة، نظر لي برغبة، فقلت صارخة: لا أرجوك، قد أموت بين يديك لا تنس أني عروس جديدة ارحمني، كل هذا وأنت تحب جوليا، ....... ماذا كنت ستفعل لو لم تكن تحبها..........


نظر لي باستغراب وقال: وما دخل الحب فيما نفعل، أنت زوجتي.......... حلالي، سواء أحببتك أم لا.
أيها الماكر، قلت في قلبي، بل إنك لا تستطيع مقاومة جاذبيتي الجسدية، ولن أتركك حتى تغرم بي، أجلاً أم عاجلاً، ..........


- ماذا تقصد.........؟؟


- أقصد أن الحب شيء، والجماع شيء آخر، وما دمت قد قبلت بهذا المصير ( مجرد زوجة) فلك ذلك، بصراحة أنا لا أحب هذا النوع من الزيجات، فالزواج في نظري علاقة تتوج الحب، وليس حبا يتوج الزواج......
- إذا أنت ممن ينادون بالإنفتاح ......


- أي انفتاح تقصدين، ......... وعلى قصدك تعتمد إجابتي، فأنا بالفعل أشجع انفتاح........ ( ثم أشار إلى قدمي، ففهمت قصده، وجريت من أمامه) .....










قضيت معه أسبوعا رائعا، لم يشعرني في أية لحظة منها بنفوره، أو رفضه، كما لم أره يحدثها، وكأنه لي وحدي، لاحظت أنه منجذب نحوي، ويعاملني كأميرة حقيقية، حتى أني أحببته، من كل قلبي، وتمنيت لو أنه غير متزوج، شعرت في ذلك الأسبوع بالأمل في حياة كريمة حياة عاطفية، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن،
بعد أسبوع وجدته يعد حقيبة صغيرة، ويضع فيها ملابسه، وبجوار الحقيبة تذكرة سفر، فصعقت، اقتربت منه وسألته: إلى أين،


- مسافر.


- كيف....؟؟،
ولم...؟؟،
نحن لازلنا في شهر العسل.


- أي شهر عسل، هل وعدتك به، هل تقررين كما تشائين، ....؟؟


- ماذا تقصد، إن ماتفعله عيب، كيف تتركني بعد أسبوع من زواجنا، ماذا سيقول الناس..؟؟


- أي ناس، لا أحب هذا الأسلوب، إن كنت تمانعين سفري قولي لي ذلك، لا تضعي كلام الناس في الموضوع، لأني لا أبالي بكلام الناس....... تخلف ورجعية..... أيتها الرجعية.


جررت نفسا طويلا، وأخرجت آخر ثائرا، ثم اندفعت إلى حقيبته وبدأت أخرج الملابس وألقي بها بعيدا، فأسرع نحوي وأمسك بيدي بقوة: مالذي تفعلينه......؟؟


- لن أسمح لك بالسفر، هل ترغب في إهانتي أمام الآخرين، كيف تجرؤ، ماذا فعلت لك، ماذا جنيت في حقك لتهينني بهذا الشكل.....؟؟


- تزوجتِ بي رغما عني، لترضي نفسك، وتنقذي نفسك من كلام الناس، والآن ترغبين في منعي من السفر بسبب كلام الناس، أنت عبدة للناس، ..........!!!!


- بل هي العادات، لا يحق لك أن تتركني بعد أسبوع من زواجي........


لكنه تركني وبدأ بإعادة ملابسه للشنطة، وأنا أنظر له بحسرة، وضربات فؤادي تتسارع من شدة الخوف، كيف سأشرح لوالدتي الظرف، وماذا سأقول للناس، .... اقتربت منه من جديد، وبصوت متوسل هذه المرة:


ـ أرجوك، انتظر أسبوعا آخر، لا تعرضني لهذه المهانة، أرجوك.


- الآن اتبعي معي أسلوباً جديداً، ...... وفري ألاعيبك، سأسافر حتى لو أدى ذلك إلى قتلك، سأسافر، لأرضي زوجتي التي تسببت في زعلها، سافرت ليلة زفافنا، وسأذهب لأعيدها فهي أهم عندي منك، ويكفي أني جاملتك أسبوعا كاملا، يكفيك، ...... أسبوعا لم تحلمي به.....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة